[img]
[/img]لم أكن الأصغر ولكن الأقصر، لم أكن الأقل شطارة ولكن الأضعف، لم أكن الأقبح ولكن
الأتعب، لغز.. أليس كذلك؟ ولكنه ليس لغزاً بالنسبة لي.. فهذه هي حقيقة شخصيتي بل هي
حياتي.
كنت الأخت الأوسط بين خمس فتيات، بالرغم من تشابه أخواتي إلا أني كنت بعيدة كل البعد
عن ملامحهن، أو حتى عن شكل هيئتهن، كنت قصيرة بعض الشيء..نحيفة جداً أول من
وضعت النظارة الطبية وكنت أشعر بالضعف أكثر إذا جلست بين أخواتي ووالدتي فكنت أبدو ا
الأصغر بالرغم من وجود فارق عمري بيني وبين أخواتي الصغار.
ولهذا كنت أعامل عندما نخرج سوياً في اجتماع عائلي أو إلى السوق على أنني الصغرى
وهذا كان يضايقني جداً، ولكن ماذا أفعل؟
آثرت البيت وتحاشيت أن أخرج كثيراً مع أخواتي، والغريب أنهن يرحبن بهذا القرار أو هكذا
تراءى لي.
فمهما كانت المناسبة: زواجاً، استقبالاً، اجتماعاً عائلياً، كنت أرى والدتي تهتم بالأخريات
وبتسريحة شعورهن وماذا سيرتدين، حتى إذا جاء دوري كانت دائماً إجاباتها ارتدي أي
شيء أو ارتدي ما يعجبك.
وإن كان هذا حال منزلنا فإنه لم يكن هو حالي في المدرسة بل كنت فتاة لي صديقات وإن
كن قلة إلا أنه كان لي من تحدثني وأتحدث إليها ولكن دوام الحال من المحال، انتقلت أختي
الصغرى من المرحلة المتوسطة إلى المرحلة الثانوية وأصبحت معي في المدرسة لا أدري لماذا
بدأت تتوتر علاقتي بصديقاتي، بدأت ألحظ حديثهن معها، وضحكاتهن معها بل كانت ضربة
قاضية لي عندما اتصلت صديقتي تدعوني لزيارتها وطلبت مني أن ترافقني أختي الصغرى.
كم كان يوماً قاسياً بالنسبة لى.. شعرت أن أخواتي أخذن يحاصرنني حتى في مكان واحد
كنت أجده مناسباً لى أليس من حقى أن تكون لي حياة خاصة بي دون ملاحقتي وهل فعلاً
يقصدن إيذائي؟
وضعت أسئلتي بجانبي وبدأت أطعمها أفكاري السلبية، وتصوراتي عن نفسي وعن أخواتي
حتى كبرت تلك الأسئلة وأصبحت جداراً من الصلب حال بيني وبين أخواتي وصديقاتي.
اتخذت قراري: سأقاطع صديقاتي.. لن أتحدث لهن، ولن أجلس معهن، إنهن من اخترن.
غبت ذلك اليوم عن المدرسة وأنا على يقين أنهن لن يعنين لغيابي، ولكن ما أن بدأت الساعة
تشير إلى الثانية وهو موعد الخروج من المدرسة حتى جاء صوتها عبر الهاتف كانت احداهن
رفيعة الصوت. ما إن سمعت صوتها حتى أخذتني العبرة، وسمعت صوتها يتعالى خوفاً علي،
فما كان مني إلا أن اعترفت لها بما قررت من مقاطعتهن والعيش بمفردي وترك المجال
لأختى لتصاحب من تريد منهن، وعلى الطرف الآخر من الهاتف سمعت كلمات استغراب لكل ما
أقول.
لكننا نريدك أنت أنت صديقتنا.. هل حقاً يردنني أنا أم أنها كلمات يتفوهن بها؟!، لماذا بدأت
لا أثق بمن حولي، ولابمشاعرهن وإن بدت صادقة؟ لماذا بدأت أقلل من شأن نفسي وان كنت
أملك مقومات نجاحها؟
ثقي بنا وثقي بنفسك.
أربع كلمات قالتها لي ذات الصوت الرقيق وأغلقت الهاتف وتركتني أبحث في نفسي عن
ثقتي.. هل فعلاً مشكلتي عدم ثقتي بإمكاناتي وبنفسي؟! هل ممكن أن أبخس حق نفسي
بمجرد أنني لا أعرف كيف أخرج كنوزها؟ نعم أعتقد أنني وضعت يدي على مرضي، ومن
الآن فاني لست الأقصر ولكني الأذكى ولست الأقبح، ولكني الأطيب ولست الأضعف ولكني
الأكثر ثقة.
ربما يطول الوقت والطريق إلى أن أصل إلى كنوز نفسي ولكن المهم أنني بدأته.